فصل: (فَرْعٌ): (عيادةُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى



.(فَرْعٌ): [عيادةُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ]:

(حَرُمَ أَنْ يَعُودَ) مُسْلِمٌ كَافِرًا كَبُدَاءَتِهِ بِالسَّلَامِ. لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمٍ، (أَوْ يُغَسِّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا، أَوْ يُكَفِّنَهُ أَوْ يُصَلِّي عَلَيْهِ. أَوْ يَتْبَعَ جِنَازَتَهُ، وَلَوْ ذِمِّيًّا قَرِيبًا) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}. (بَلْ يُوَارِي وُجُوبًا، لِعَدَمِ) مَنْ يُوَارِيهِ مِنْ الْكُفَّارِ. كَمَا فُعِلَ بِكُفَّارِ بَدْرٍ، وَارَوْهُمْ فِي الْقَلِيبِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَرْبِيِّ وَالذِّمِّيِّ. وَالْمُسْتَأْمَنِ وَالْمُرْتَدِّ فِي ذَلِكَ.؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْمُوَارَاةِ مُثْلَةٌ بِهِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا. (وَكَذَا كُلُّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ مُكَفِّرَةٍ) كَالْجَهْمِيَّةِ. أَصْحَابِ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ. وَالْجَبْرِيَّةِ الْقَائِلِينَ: لَا قُدْرَةَ لِلْعَبْدِ أَصْلًا. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَعْلَمُ الشَّيْءَ قَبْلَ وُقُوعِهِ، وَعِلْمُهُ تَعَالَى حَادِثٌ لَا فِي مَحَلٍّ، وَلَا يُوصَفُ بِمَا يُوصَفُ بِهِ غَيْرُهُ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ، وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ يَفْنَيَانِ. إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَقَالَاتِ أَهْلِ الْإِفْكِ وَالضَّلَالِ. وَلِهَذَا.
(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ: الْجَهْمِيَّةُ) لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: لَيْسَتْ الْجَهْمِيَّةُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ: إنَّا لَنَحْكِي قَوْلَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَحْكِيَ كَلَامَ الْجَهْمِيَّةِ. فَإِنَّهُمْ تَارَةً يَقُولُونَ بِالْحُلُولِ، وَتَارَةً يَقُولُونَ بِالتَّعْطِيلِ.
(وَ) غُلَاةُ (الرَّافِضَةِ) عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِمْ الْمُقَرَّرَةِ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ (لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ). وَلَا تُتَّبَعُ جَنَائِزُهُمْ.
(قَالَ). الْإِمَامُ أَحْمَدُ: (أَهْلُ الْبِدَعِ). وَهُمْ: الِاثْنَانِ وَسَبْعُونَ فِرْقَةً (إنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ، وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تُصَلُّوا عَلَيْهِمْ) لِأَنَّهُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ وَأَوْلِيَائِهِ.

.(فَصْلٌ): [سترُ الميتِ أثناءَ غُسْلِهِ]:

(وَإِذَا أُخِذَ)، أَيْ: شُرِعَ (فِي غُسْلِهِ؛ وَجَبَ سَتْرُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ)، قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: «لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ، وَلَا تَنْظُرْ إلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ» رَوَاه أَبُو دَاوُد. (فِي غَيْرِ مَنْ) سِنُّهُ (دُونَ سَبْعِ) سِنِينَ، فَلَا بَأْسَ بِغُسْلِهِ مُجَرَّدًا. (وَسُنَّ تَجْرِيدُهُ)، أَيْ: الْمَيِّتِ (مِنْ ثِيَابِهِ) لِلْغُسْلِ. لِأَنَّهُ أَمْكَنُ فِي تَغْسِيلِهِ، وَأَصْوَنُ لَهُ مِنْ التَّنْجِيسِ، وَلِفِعْلِ الصَّحَابَةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: «أَنُجَرِّدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا أَمْ لَا؟ (إلَّا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَإِنَّهُمْ لَمَّا اخْتَلَفُوا: هَلْ يُجَرِّدُونَهُ أَوْ لَا؟ أَوْقَعَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ النَّوْمَ حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إلَّا وَذَقَنُهُ فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ: أَنْ غَسِّلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ. فَقَامُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَسَّلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ. يَصُبُّونَ الْمَاءَ فَوْقَ الْقَمِيصِ، وَيُدَلِّكُونَ بِالْقَمِيصِ دُونَ أَيْدِيهِمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد. وَلِأَنَّ فَضَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّهَا طَاهِرَةٌ. فَلَمْ يُخْشَ تَنْجِيسُ قَمِيصِهِ.
(وَ) سُنَّ (سَتْرُهُ)، أَيْ: الْمَيِّتِ حَالَ الْغُسْلِ (عَنْ الْعُيُونِ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ بِهِ عَيْبٌ يَسْتُرُهُ فِي حَيَاتِهِ، أَوْ تَظْهَرُ عَوْرَتُهُ (تَحْتَ سِتْرٍ أَوْ سَقْفٍ) فِي خَيْمَةٍ أَوْ بَيْتٍ إنْ أَمْكَنَ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ، وَلِئَلَّا يَسْتَقْبِلَ بِعَوْرَتِهِ السَّمَاءَ. (وَكُرِهَ حُضُورُ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فِي غُسْلِهِ)؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ بِالْمَيِّتِ مَا يُكْرَهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ، وَالْحَاجَةُ غَيْرُ دَاعِيَةٍ إلَى حُضُورِهِ (غَيْرَ وَلِيٍّ)، فَلَهُ الدُّخُولُ عَلَيْهِ كَيْفَ شَاءَ. قَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ.
(وَ) كُرِهَ (تَغْطِيَةُ وَجْهِهِ) نَصًّا وِفَاقًا.
(وَ) كُرِهَ (نَظَرٌ) إلَى (بَقِيَّةِ بَدَنِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَلَوْ غَاسِلًا) فَلَا يُنْظَرُ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، (قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لِأَنَّ جَمِيعَهُ صَارَ عَوْرَةً) إكْرَامًا لَهُ، (فَلِذَا شُرِعَ سَتْرُ جَمِيعِهِ) بِالْكَفَنِ. (انْتَهَى). قَالَ: فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْضُرَهُ إلَّا مَنْ يُعِينُ فِي أَمْرِهِ، نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمُبْدِعِ. (ثُمَّ يَرْفَعُ) غَاسِلٌ (فِي أَوَّلِ غُسْلِ رَأْسِ) مَيِّتٍ، (غَيْرِ حَامِلٍ إلَى قُرْبِ جُلُوسِهِ)، بِحَيْثُ يَكُونُ كَالْمُحْتَضَنِ فِي صَدْرِ غَيْرِهِ. (وَيَعْصِرُ بَطْنَهُ بِرِفْقٍ) لِيَخْرُجَ الْمُسْتَعِدُّ لِلْخُرُوجِ، لِئَلَّا يَخْرُجَ بَعْدَ الْأَخْذِ فِي الْغُسْلِ، فَتَكْثُرُ النَّجَاسَةُ، (وَيَكُونُ ثَمَّ)، أَيْ: هُنَاكَ (بَخُورٌ)- بِوَزْنِ رَسُولٍ- دَفْعًا لِلتَّأَذِّي بِرَائِحَةِ الْخَارِجِ، (وَيَكْثُرُ صَبُّ مَاءٍ حِينَئِذٍ)، لِيَدْفَعَ مَا يَخْرُجُ بِالْعَصْرِ، وَالْحَامِلُ لَا يُعْصَرُ بَطْنُهَا، لِئَلَّا يَتَأَذَّى الْوَلَدُ، وَلِحَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ مَرْفُوعًا «إذَا تُوُفِّيَتْ الْمَرْأَةُ، فَأَرَادُوا غُسْلَهَا: فَلْيُبْدَأْ بِبَطْنِهَا، فَلْتُمْسَحْ مَسْحًا رَفِيقًا إنْ لَمْ تَكُنْ حُبْلَى. وَإِنْ كَانَتْ حُبْلَى فَلَا تُحَرِّكْهَا» رَوَاه الْخَلَّالُ. (ثُمَّ يَلُفُّ) الْغَاسِلُ (عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً خَشِنَةً، فَيُنْجِيهِ بِهَا) أَيْ: الْخِرْقَةِ. كَمَا تُسَنُّ بَدَاءَةُ الْحَيِّ بِالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ، (وَالْأَوْلَى لِكُلِّ فَرْجٍ خِرْقَةٌ)؛ لِأَنَّ كُلَّ خِرْقَةٍ خَرَجَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَةِ، لَا يُعْتَدُّ بِهَا إلَّا أَنْ تُغْسَلَ. (وَيَجِبُ غُسْلُ نَجَاسَةٍ بِهِ)، أَيْ: الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِغُسْلِهِ تَطْهِيرُهُ حَسَبَ الْإِمْكَانِ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ بِالْمُخْرَجِ، فَلَا يُجْزِئُ فِيهَا الِاسْتِجْمَارُ.
(وَ) يَجِبُ (أَنْ لَا يَمَسَّ عَوْرَةُ مَنْ بَلَغَ سَبْعًا) مِنْ السِّنِينَ، لِأَنَّ الْمَسَّ أَعْظَمُ مِنْ النَّظَرِ. كَحَالِ الْحَيَاةِ. وَرُوِيَ «أَنَّ عَلِيًّا حِينَ غَسَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَفَّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً حِينَ غَسَلَ فَرْجَهُ» ذَكَرَهُ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ. (وَإِنْ) كَانَ (مَحْرَمًا) مِنْ الْمَيِّتِ. كَابْنِهِ وَزَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ التَّطْهِيرَ يُمْكِنُ بِدُونِ مَسٍّ وَلَا نَظَرٍ. (وَسُنَّ أَنْ لَا يُمَسَّ) الْغَاسِلُ (سَائِرُهُ)، أَيْ: بَاقِي بَدَنِ الْمَيِّتِ (إلَّا بِخِرْقَةٍ)، لِفِعْلِ عَلِيٍّ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحِينَئِذٍ يَعُدُّ الْغَاسِلُ ثَلَاثَ خِرَقٍ: خِرْقَتَيْنِ لِلسَّبِيلَيْنِ، وَخِرْقَةٍ لِبَقِيَّةِ بَدَنِهِ، (ثُمَّ يَنْوِي) الْغَاسِلُ (غُسْلَهُ) فَقَطْ، أَيْ: دُونَ رَفْعِ الْحَدَثِ عَنْهُ، أَوْ رَفْعِ حَدَثِ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ غُسْلَهُ تَعَبُّدِيٌّ، فَإِنْ عَلِمَ الْغَاسِلُ بِجَنَابَةٍ أَوْ نَحْوِهَا: نَوَاهُمَا جَمِيعًا، (وَيُسَمِّي) وُجُوبًا، وَتَسْقُطُ سَهْوًا كَغُسْلِ الْحَيِّ. (وَسُنَّ أَنْ يُدْخِلَ) الْغَاسِلُ بَعْدَ غُسْلِ كَفَّيْ الْمَيِّتِ نَصًّا ثَلَاثًا (إبْهَامَهُ وَسَبَّابَتَهُ، عَلَيْهِمَا خِرْقَةٌ مَبْلُولَةٌ بِمَا بَيْنَ شَفَتَيْهِ)، أَيْ: الْمَيِّتِ (فَيَمْسَحُ) بِهَا (أَسْنَانَهُ، وَ) يُدْخِلُهُمَا (فِي مَنْخِرَيْهِ فَيُنَظِّفُهُمَا)، فَيَقُومُ مَقَامَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ، لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»، (ثُمَّ يُوَضِّئُهُ) اسْتِحْبَابًا كَامِلًا، لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ مَرْفُوعًا فِي غُسْلِ ابْنَتِهِ: «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا» رَوَاه الْجَمَاعَةُ. وَكَغُسْلِ الْجَنَابَةِ. (وَلَا يُدْخِلُ) غَاسِلٌ (مَاءً فِي أَنْفِهِ وَ) لَا (فَمِهِ)، أَيْ: الْمَيِّتِ خَشْيَةَ تَحْرِيكِ النَّجَاسَةِ بِدُخُولِ الْمَاءِ إلَى جَوْفِهِ، (ثُمَّ يُضْرَبُ نَدْبًا نَحْوَ سِدْرٍ)، كَخِطْمِيٍّ، (فَيُغْسَلُ بِرَغْوَتِهِ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ فَقَطْ، فِي كُلِّ غَسْلَةٍ)؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ أَشْرَفُ الْأَعْضَاءِ، وَلِهَذَا جُعِلَ كَشْفُهُ شِعَارَ الْإِحْرَامِ، وَهُوَ مَجْمَعُ الْحَوَاسِّ الشَّرِيفَةِ. وَالرَّغْوَةُ تُزِيلُ الدَّرَنَ. وَلَا تَتَعَلَّقُ بِالشَّعْرِ، فَنَاسَبَ أَنْ تُغْسَلَ بِهَا اللِّحْيَةُ، لِتَزُولَ الرَّغْوَةُ بِمُجَرَّدِ جَرْيِ الْمَاءِ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ تَفْلِ السِّدْرِ، (ثُمَّ يُغْسَلُ بِمَاءٍ بَارِدٍ، فَيُكْرَهُ) مَاءٌ (حَارٌّ)؛ لِأَنَّهُ يُرْخِي الْجَسَدَ، فَيُسْرِعُ الْفَسَادُ إلَيْهِ، وَالْمَاءُ الْبَارِدُ يُصْلِبُهُ، وَيُبْعِدُهُ عَنْ الْفَسَادِ. (شِقَّهُ الْأَيْمَنَ بِتَفْلِ) السِّدْرِ (مِنْ رَأْسِهِ لِرِجْلِهِ)، يُبْدَأُ بِصَفْحَةِ عُنُقِهِ إلَى الرِّجْلِ، (ثُمَّ) يُغْسَلُ شِقَّهُ (الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ)، لِحَدِيثِ «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا» وَكَغُسْلِ الْحَيِّ، وَلَا يَكُبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ، لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، فَيُغْسَلُ ظَهْرُهُ وَوَرِكُهُ، وَهُوَ عَلَى جَنْبِهِ، (ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ) لِيَعُمَّهُ الْغُسْلُ، (وَيُثَلِّثُ ذَلِكَ)، أَيْ: يُكَرِّرُهُ ثَلَاثًا (نَدْبًا) كَغُسْلِ الْحَيِّ، (فَيُكْرَهُ اقْتِصَارٌ فِي غُسْلٍ عَلَى مَرَّةٍ)، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ اللَّاتِي غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا، إنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ»، (وَلَا يُعَادُ وُضُوءٌ لِكُلِّ مَرَّةٍ)، إنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ، (يُمِرُّ فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَدَهُ عَلَى بَطْنِهِ) بِرِفْقٍ إخْرَاجًا لِمَا تَخَلَّفَ، وَأَمْنًا مِنْ فَسَادِ الْغُسْلِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ بَعْدُ، (وَلَا يَجِبُ فِعْلُ ذَلِكَ)، أَيْ: مُبَاشَرَةُ الْغُسْلِ كَالْحَيِّ، (فَلَوْ تُرِكَ) الْمَيِّتُ (تَحْتَ نَحْوِ مِيزَابٍ، وَحَضَرَ أَهْلٌ) يَصْلُحُ (لِغُسْلِهِ) وَهُوَ: الْمُسْلِمُ الْمُمَيِّزُ، (وَنَوَى) غُسْلَهُ وَسَمَّى، (وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ غُسْلُهُ فِيهِ)، بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْمَاءَ عَمَّهُ؛ (كَفَى) فِي أَدَاءِ فَرْضِ الْغُسْلِ. (فَإِنْ لَمْ يُنَقَّ) الْمَيِّتُ (بِثَلَاثِ) غَسَلَاتٍ؛ (زَادَ إلَى سَبْعِ) غَسَلَاتٍ، (فَإِنْ لَمْ يُنَقَّ) بِسَبْعِ غَسَلَاتٍ، (فَالْأَوْلَى غَسْلُهُ حَتَّى يُنَقَّى)، لِلْخَبَرِ، وَتَقَدَّمَ (مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ وُضُوءٍ)، فَإِنَّهُ فِي الْأُولَى خَاصَّةً، (وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ) مِنْ السَّبِيلَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا (بَعْدَ الثَّلَاثِ؛ أُعِيدَ وُضُوءُهُ) وُجُوبًا، قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَتَبِعَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: لِتَكُونَ طَهَارَتُهُ كَامِلَةً. (وَوَجَبَ غُسْلُهُ كُلَّمَا خَرَجَ) مِنْهُ شَيْءٌ (إلَى سَبْعٍ) لِمَا سَبَقَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا كَرَّرَ الْأَمْرَ بِغُسْلِهَا مِنْ أَجْلِ تَوَقُّعِ النَّجَاسَةِ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ أَنْ يَكُونَ خَاتِمَةُ أَمْرِهِ الطَّهَارَةَ الْكَامِلَةَ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَوْتَ جَرَى مَجْرَى زَوَالِ الْعَقْلِ. (وَيَتَّجِهُ) بِـ (احْتِمَالٍ) قَوِيٍّ وُجُوبُ إعَادَةِ غُسْلِهِ، (وَلَوْ خَرَجَ) شَيْءٌ (مِنْ غَيْرِ سَبِيلٍ)، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (فَإِنْ خَرَجَ بَعْدَهَا)، أَيْ: السَّبْعِ شَيْءٌ؛ (حُشِيَ) مَحَلُّ الْخُرُوجِ (بِقُطْنٍ) أَوْ مُلْجَمٍ بِهِ. كَمَا تَفْعَلُ الْمُسْتَحَاضَةُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهَا، (فَإِنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ) بِالْحَشْوِ بِقُطْنٍ وَنَحْوِهِ؛ (فـَ) يُحْشَى (بِطِينٍ حَرٍّ) خَالِصٍ، يَكُونُ لَهُ قُوَّةٌ تَمْسِكُ الْمَحَلِّ لِيَمْنَعَ الْخَارِجَ، (ثُمَّ يَغْسِلُ الْمَحَلَّ) الْمُتَنَجِّسَ بِالْخَارِجِ وُجُوبًا، (وَيُوَضَّأُ وُجُوبًا)، كَجُنُبٍ أَحْدَثَ بَعْدَ غُسْلِهِ، (وَلَا غُسْلَ) بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ. (وَإِنْ خِيفَ خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْ مَنَافِذِ وَجْهِهِ) كَفَمِهِ وَأَنْفِهِ وَأُذُنِهِ؛ (فَلَا بَأْسَ أَنْ تُحْشَى بِقُطْنٍ) وَنَحْوِهِ، (وَإِنْ خَرَجَ) مِنْهُ (شَيْءٌ) قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ (بَعْدَ تَكْفِينِهِ وَلَفِّهِ؛ لَمْ يُعَدْ وُضُوءٌ وَلَا غُسْلٌ مُطْلَقًا)، أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ فِي السَّابِعَةِ أَوْ قَبْلَهَا، قَلِيلًا كَانَ الْخَارِجُ أَوْ كَثِيرًا، دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إخْرَاجِهِ وَإِعَادَةِ غُسْلِهِ، وَتَطْهِيرِ اللِّفَافَةِ وَتَجْفِيفِهَا أَوْ إبْدَالِهَا، فَيَتَأَخَّرُ دَفْنُهُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ، ثُمَّ لَا يُؤْمَنُ مِثْلٌ بَعَدِهِ، وَإِنْ وُضِعَ عَلَى الْكَفَنِ، وَلَمْ يُلَفَّ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ؛ أُعِيدَ غُسْلُهُ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ (وَسُنَّ قَطْعُ) عَدَدِ غَسَلَاتِهِ (عَلَى وِتْرٍ)، لِحَدِيثِ «اغْسِلْنَهَا وِتْرًا»، (وَ) سُنَّ (جَعْلُ كَافُورٍ وَسِدْرٍ فِي غَسْلَةٍ أَخِيرَةٍ) نَصًّا؛ لِأَنَّ الْكَافُورَ يَصْلُبُ الْجَسَدَ، وَيُبَرِّدُهُ وَتَطْرُدُ رَائِحَتُهُ الْهَوَامَّ، وَلِحَدِيثِ «اجْعَلْنَ فِي الْأَخِيرَةِ كَافُورًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. لَا إنْ كَانَ الْمَيِّتُ مُحْرِمًا، فَيُجَنَّبُ الْكَافُورُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الطِّيبِ.
(وَ) سُنَّ (خِضَابُ لِحْيَةِ رَجُلٍ وَرَأْسِ امْرَأَةٍ بِحِنَّاءٍ وَقَصُّ شَارِبِ غَيْرِ مُحْرِمٍ، وَتَقْلِيمُ أَظْفَارِهِ إنْ طَالَا)، أَيْ: الشَّارِبُ وَالْأَظْفَارُ (وَأَخْذُ شَعْرِ إبِطَيْهِ) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ تَنْظِيفٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِقَطْعِ عُضْوٍ، أَشْبَهَ إزَالَةَ الْوَسَخِ وَالدَّرَنِ، وَيُعَضِّدُهُ عُمُومَاتُ سُنَنِ الْفِطْرَةِ. (وَجَعَلَهُ)، أَيْ: الْمَأْخُوذَ مِنْ شَعْرٍ وَظُفْرٍ (مَعَهُ)- أَيْ: الْمَيِّتِ- فِي كَفَنِهِ بَعْدَ إعَادَةِ غُسْلِهِ (نَدْبًا كَعُضْوٍ أَصْلِيٍّ سَقَطَ)، لِمَا رَوَى أَحْمَدُ فِي مَسَائِلِ صَالِحٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: تُغْسَلُ رَأْسُ الْمَيِّتَةِ؛ فَمَا سَقَطَ مِنْ شَعْرِهَا فِي أَيْدِيهِمْ غَسَلُوهُ؛ ثُمَّ رَدُّوهُ فِي رَأْسِهَا؛ وَلِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ دَفْنُ ذَلِكَ مِنْ الْحَيِّ، فَالْمَيِّتُ أَوْلَى، وَتُلَفَّقُ أَعْضَاؤُهُ إنْ قُطِعَتْ بِالتَّغْمِيطِ وَالطِّينِ الْحُرِّ حَتَّى لَا يَتَبَيَّنَ تَشْوِيهُهُ، وَمَا فُقِدَ مِنْهَا لَمْ يُجْعَلْ لَهُ شَكْلٌ مِنْ طِينٍ وَلَا غَيْرِهِ. (وَحَرُمَ حَلْقُ رَأْسِ) مَيِّتٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لِنُسُكٍ أَوْ زِينَةٍ، وَالْمَيِّتُ لَيْسَ مَحَلًّا لَهُمَا.
(وَ) حَرُمَ (أَخْذُ) شَعْرِ (عَانَةٍ)، لِمَا فِيهِ مِنْ مَسِّ الْعَوْرَةِ وَنَظَرِهَا، وَهُوَ مُحَرَّمٌ، فَلَا يُرْتَكَبُ لِمَنْدُوبٍ. (كـَ) مَا يَحْرُمُ (خَتْنُ) مَيِّتٍ أَقْلَفَ؛ لِأَنَّهُ قَطْعُ بَعْضِ عُضْوٍ مِنْهُ، وَقَدْ زَالَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ. (وَكُرِهَ خِلَالٌ) إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ لِشَيْءٍ بَيْنَ أَسْنَانِهِ؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ، (وَ) كُرِهَ (إشْنَانٌ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ) لِوَسَخٍ كَثِيرٍ بِهِ، لِمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى شَيْءٍ مِنْهَا لَمْ يُكْرَهْ، وَيَكُونُ الْخِلَالُ إذَنْ مِنْ شَجَرَةٍ لَيِّنَةٍ كَالصَّفْصَافِ.
(وَ) كُرِهَ (تَسْرِيحُ شَعْرِهِ)- أَيْ: الْمَيِّتِ- رَأْسًا كَانَ أَوْ لِحْيَةً، نَصًّا؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ، وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا مَرَّتْ بِقَوْمٍ يُسَرِّحُونَ شَعْرَ مَيِّتٍ فَنَهَتْهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَتْ: عَلَامَ تَنُصُّونَ مَيِّتَكُمْ؟» أَيْ: تُسَرِّحُونَهُ. (وَسُنَّ أَنْ يُظَفَّرَ، شَعْرُ أُنْثَى ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَسَدْلُهُ)، أَيْ: إلْقَاؤُهُ (وَرَاءَهَا) نَصًّا، لِقَوْلِ أُمِّ عَطِيَّةَ: «فَظَفَّرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، وَأَلْقَيْنَاهُ خَلْفَهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(وَ) سُنَّ (تَنْشِيفُ) مَيِّتٍ بِثَوْبٍ. كَمَا فُعِلَ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلِئَلَّا يَبْتَلَّ كَفَنُهُ فَيَفْسُدَ. وَلَا يُنَجِّسُ مَا نُشِّفَ بِهِ. (وَقِيلَ لِ) الْإِمَامِ (أَحْمَدَ: الْعَرُوسُ تَمُوتُ فَتُجْلَى، فَأَنْكَرَهُ شَدِيدًا)؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ تُهَيِّجُ الْمُصِيبَةِ. (وَلَا بَأْسَ بِغُسْلِهِ)، أَيْ: الْمَيِّتِ (فِي حَمَّامٍ) نَصًّا كَحَيٍّ (وَ) لَا بَأْسَ بِـ (مُخَاطَبَةِ غَاسِلٍ لَهُ حَالَ غُسْلِهِ بِنَحْوِ: انْقَلِبْ يَرْحَمْكَ اللَّهُ)، لِقَوْلِ عَلِيٍّ لَمَّا لَمْ يَجِدْ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَجِدُهُ مِنْ سَائِرِ الْمَوْتَى: يَا رَسُولَ اللَّهِ طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا وَقَوْلِ الْفَضْلِ وَهُوَ مُحْتَضِنُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: أَرْضِي أَرْضِي، فَقَدْ قَطَعْت وَتِينِي، إنِّي أَجِدُ شَيْئًا يَنْزِلُ عَلَيَّ وَالْوَتِينُ: عِرْقٌ فِي الْقَلْبِ إذَا انْقَطَعَ مَاتَ صَاحِبُهُ. (وَمُحْرِمٌ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (مَيِّتٌ كَ) مُحْرِمٍ (حَيٍّ) فِيمَا يُمْنَعُ مِنْهُ، (يُغَسَّلُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ لَا طِيبَ فِيهِ) وَلَا كَافُورَ، (وَلَا يَلْبَسُ ذَكَرٌ الْمِخْيَطَ) نَحْوَ قَمِيصٍ، (وَلَا يُغَطَّى رَأْسُهُ)، أَيْ: الْمُحْرِمِ، (وَلَا) يُغَطَّى (وَجْهُ أُنْثَى) مُحْرِمَةٍ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا ظُفْرِهِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا فِي مُحْرِمٍ مَاتَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَلَا فِدْيَةَ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ بِهِ). أَيْ: الْمَيِّتِ الْمُحْرِمِ، كَتَطْيِيبِهِ وَإِلْبَاسِهِ الْمِخْيَطَ وَنَحْوَهُ، (وَلَا تُمْنَعُ مُعْتَدَّةٌ) مَاتَتْ غَيْرَ مُحْرِمَةٍ (مِنْ طِيبٍ)، لِسُقُوطِ الْإِحْدَادِ بِمَوْتِهَا. (وَتُزَالُ اللَّصُوقُ) بِفَتْحِ اللَّام- أَيْ: مَا يُلْصَقُ عَلَى الْبَدَنِ، يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ لِيَصِلَ إلَى الْبَشَرَةِ كَالْحَيِّ. (وَإِنْ سَقَطَ مِنْهُ)، أَيْ: الْمَيِّتِ (شَيْءٌ) بِإِزَالَةِ لَصُوقٍ، (بَقِيَتْ وَمُسِحَ عَلَيْهَا) كَجَبِيرَةِ حَيٍّ. (وَيُزَالُ نَحْوُ خَاتَمٍ) كَسِوَارٍ وَحَلْقَةٍ (وَلَوْ بِبُرْدِهِ)، لِأَنَّ تَرْكَهُ مَعَهُ إضَاعَةُ مَالٍ بِلَا مَصْلَحَةٍ، وَ(لَا) يُزَالُ (أَنْفٌ مِنْ ذَهَبٍ). لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُثْلَةِ، (وَيُحَطُّ ثَمَنُهُ، إنْ لَمْ يُؤْخَذْ)، أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ بَائِعُهُ أَخَذَهُ مِنْ الْمَيِّتِ (مِنْ تَرِكَتِهِ) كَسَائِرِ دُيُونِهِ، (فَإِنْ عُدِمَتْ) تَرِكَةُ الْمَيِّتِ (أُخِذَ) الْأَنْفُ (إذَا بُلِيَ مَيِّتٌ)، لِعَدَمِ الْمَانِعِ إذَنْ.

.(فَرْعٌ: فَرْضُ الْكِفَايَةِ):

مِنْ حَيْثُ هُوَ مُهِمٌّ يُقْصَدُ مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ، حُصُولُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ، فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ فَرْضُ الْعَيْنِ، وَسُنَّةُ الْعَيْنِ، وَيَدْخُلُ نَحْوُ الْحِرَفِ وَالصِّنَاعَاتِ. إذَا تَقَرَّرَ هَذَا؛ فَفَرْضُ الْكِفَايَةِ وَاجِبٌ عَلَى الْجَمِيعِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، (إذَا قَامَ بِهِ وَاحِدٌ) مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ، (سَقَطَ) الطَّلَبُ الْجَازِمُ عَنْ الْجَمِيعِ، فَلَا يُطْلَبُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَحَدٍ فِعْلُهُ، (فَإِنْ فَعَلَهُ جَمْعٌ) مِنْ النَّاسِ (مَعًا؛ كَانَ كُلُّهُ فَرْضًا)، أَيْ: أُثِيبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى فِعْلِهِ ثَوَابَ الْفَرْضِ، لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِي تَمْيِيزَ بَعْضِهِمْ، (وَذَكَرَهُ) عَلِيُّ (بْنُ عَقِيلٍ مَحَلَّ وِفَاقٍ) مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ،، (وَفِي فِعْلِ بَعْضٍ) لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ (بَعْدَ بَعْضٍ وَجْهَانِ): أَصَحُّهُمَا: أَنَّ فَاعِلَهُ الْأَوَّلَ قَامَ بِالْفَرْضِيَّةِ، وَأُثِيبَ عَلَيْهَا، وَمَنْ فَعَلَهُ بَعْدَهُ، وَقَعَ مِنْهُ نَفْلًا، وَأُثِيبَ عَلَيْهِ ثَوَابَ النَّفْلِ.

.فَصْلٌ: في الشَّهِيدِ:

(الشَّهِيدُ يَجِبُ بَقَاءُ دَمِهِ عَلَيْهِ) لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَفْنِ شُهَدَاءِ أُحُدٍ بِدِمَائِهِمْ. (فَإِنْ خَالَطَتْهُ)، أَيْ: دَمَ الشَّهِيدِ (نَجَاسَةٌ؛ غُسِلَ) الدَّمُ (مَعَهَا)- أَيْ: النَّجَاسَةِ- لِأَنَّ دَرْءَ الْمَفَاسِدِ، وَمِنْهُ غَسْلُ النَّجَاسَةِ، مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ، وَمِنْهُ إبْقَاءُ دَمِ الشَّهِيدِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ.
(وَ) يَجِبُ (دَفْنُهُ)، أَيْ: الشَّهِيدِ (بِثِيَابِهِ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا) فَقَطْ، وَظَاهِرُهُ: (وَلَوْ) كَانَتْ (حَرِيرًا)، قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ. (وَيَتَّجِهُ): لَا بَأْسَ بِدَفْنِهِ فِي الثِّيَابِ الْحَرِيرِ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا، (إنْ كَانَ لُبْسُهُ) إيَّاهَا (فِي حَالٍ يُبَاحُ) كَإِرْهَابِ الْعَدُوِّ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (بَعْدَ نَزْعٍ لَأْمَةِ حَرْبٍ، وَنَحْوِ فَرْوٍ وَخُفٍّ) نَصًّا، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «أُمِرَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمْ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ، وَأَنْ يُدْفَنُوا بِثِيَابِهِمْ بِدِمَائِهِمْ» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. فَإِنْ سُلِبَ ثِيَابُهُ؛ كُفِّنَ فِي غَيْرِهَا. (وَيَتَّجِهُ): نَزْعُ مَا عَلَى الشَّهِيدِ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ وَالْفَرْوَ وَالْجُلُودِ (وُجُوبًا)؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَلَا يُزَادُ فِي ثِيَابِهِ)، أَيْ: الشَّهِيدِ (وَلَا يُنْقَصُ) مِنْهَا (وَلَوْ لَمْ يَحْصُلُ الْمَسْنُونُ) بِهَا لِنَقْصِهَا أَوْ زِيَادَتِهَا، (فَإِنْ كَانَ) الشَّهِيدُ (قَدْ سَلَبَهَا) أَيْ: الثِّيَابَ (دُفِنَ) بَعْدَ تَكْفِينِهِ (بِغَيْرِهَا) بِلَا خِلَافٍ. (وَيَتَّجِهُ): تَكْفِينُهُ بِغَيْرِهَا (نَدْبًا، وَسِتْرُ عَوْرَتِهِ وُجُوبًا) قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ وَشَرْحِهِ: كُفِّنَ بِغَيْرِهَا وُجُوبًا كَغَيْرِهِ. انْتَهَى.
وَهُوَ أَظْهَرُ كَمَا لَا يَخْفَى. (وَإِنْ سَقَطَ) حَاضِرُ صَفِّ الْقِتَالِ (مِنْ شَاهِقٍ)، أَيْ: مَكَان مُرْتَفَعٍ كَجَبَلٍ وَنَحْوِهِ، (أَوْ) سَقَطَ مِنْ (دَابَّةٍ لَا بِفِعْلِ عَدُوٍّ)، فَمَاتَ (أَوْ مَاتَ بِرَفْسَةِ) دَابَّةٍ، (أَوْ) مَاتَ (حَتْفَ أَنْفِهِ)، أَيْ: لَا بِفِعْلِ أَحَدٍ، (أَوْ وُجِدَ مَيِّتًا، وَلَا أَثَرَ) قَتْلٍ (بِهِ)، فَإِنْ كَانَ بِهِ أَثَرٌ؛ لَمْ يُغَسَّلْ، (أَوْ عَادَ سِلَاحُهُ عَلَيْهِ) فَقُتِلَ، فَكَغَيْرِهِ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ بِفِعْلِ الْعَدُوِّ مُبَاشَرَةً، وَلَا تَسَبُّبًا، أَشْبَهَ مَنْ مَاتَ مَرِيضًا، وَالْأَصْلُ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ، فَلَا يَسْقُطُ بِالشَّكِّ فِي مَسْقَطِهِ. (أَوْ حُمِلَ) بَعْدَ جُرْحِهِ (فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ نَامَ أَوْ بَالَ أَوْ تَكَلَّمَ أَوْ عَطَسَ أَوْ طَالَ بَقَاؤُهُ عُرْفًا؛ فَ) هُوَ (كَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوبِ غُسْلٍ وَتَكْفِينٍ وَصَلَاةٍ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ ذِي حَيَاةٍ مُسْتَقِرَّةٍ، وَالْأَصْلُ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: وَظَاهِرُهُ: أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْأُمُورُ بَعْدَ حَمْلِهِ، فَأَمَّا إنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ بَعْدَ جُرْحِهِ، وَهُوَ فِي الْمَعْرَكَةِ، ثُمَّ مَاتَ فِيهَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ، فَلَا يُغَسَّلُ، إلَّا أَنْ يَطُولَ مُكْثُهُ فِيهَا؛ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُغَسَّلَ كَمَا نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَنْ أَقَامَ فِيهَا إلَى اللَّيْلِ، أَيْ: فَحُكْمُهُ (كَشَهِيدٍ مَطْعُونٍ وَمَبْطُونٍ وَغَرِيقٍ وَشَرِيقٍ وَحَرِيقٍ وَصَاحِبِ هَدْمٍ وَذَاتِ الْجَنْبِ وَالسُّلِّ) بِضَمِّ السِّين وَكَسْرِهَا (وَاللَّقْوَةِ): دَاءٌ فِي الْوَجْهِ (وَصَابِرٍ بِطَاعُونٍ، وَمُتَرَدٍّ بِشَاهِقٍ) لَا بِفِعْلِ كُفَّارٍ (وَدَابَّةٍ وَمَيِّتٍ بِسَبِيلِ اللَّهِ، وَمُرَابِطٍ وَطَالِبِ شَهَادَةٍ بِصِدْقِ نِيَّةٍ، وَمَجْنُونٍ وَنُفَسَاءَ وَلَدِيغٍ وَفَرِيسِ سَبُعٍ)، وَمَنْ بَاتَ عَلَى طَهَارَةٍ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ. (وَيَتَّجِهُ: وَطَالِبُ عِلْمٍ) مُعَلِّمًا كَانَ أَوْ مُتَعَلِّمًا؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ أُمَنَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ. (وَمِنْ أَغْرَبِهَا)، أَيْ: الشَّهَادَةِ: (مَوْتُ غَرِيبٍ)، لِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَصَحَّحَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَوْتُ الْغَرِيبِ شَهَادَةٌ», (وَأَغْرَبُ مِنْهُ) مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي بْنُ الْمُنَجَّا وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: (عَاشِقُ عَفٍّ وَكَتْمٍ) أَشَارَ إلَى الْخَبَرِ الْمَرْفُوعِ: {مَنْ عَشِقَ وَعَفَّ وَكَتَمَ فَمَاتَ مَاتَ شَهِيدًا}، وَهَذَا الْخَبَرُ مَذْكُورٌ فِي تَرْجَمَةِ سُوَيْد بْنِ سَعِيدٍ فِيمَا أُنْكِرَ عَلَيْهِ. قَالَهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ. (وَيَتَّجِهُ): أَنَّ كِتْمَانَ الْعَاشِقِ مِنْ أَعْظَمِ الْمُطَالِبِ الْمُفْضِيَةِ إلَى بُلُوغِ الْمَأْرَبِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَذَاعَ سِرَّهُ كَثُرَتْ عُذَّالُهُ، وَبَاءَ بِالْحِرْمَانِ، فَيَنْبَغِي لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِهَذِهِ الْحَالِ أَنْ يَتَدَرَّعَ مِنْ الصَّبْرِ جِلْبَابًا، وَيَلْبَسَ مِنْ الْعِفَّةِ وَالْكِتْمَانِ ثِيَابًا، وَيَكُونَ عِشْقُهُ لِلَّهِ، لَا يَشُوبَهُ بِشَهْوَةٍ حَيَوَانِيَّةٍ.
وَ(لَا) يَلْزَمُ كِتْمَانُهُ (عَنْ مَعْشُوقِهِ) لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ، فَلْيَتَّقِ اللَّهَ، وَلَا يَخْلُو مَعَهُ، لِئَلَّا يَتَلَاعَبَ بِهِ الشَّيْطَانُ فَيُوقِعَهُ فِي غَضَبِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ اتِّجَاهٌ جَيِّدٌ. (وَسَقَطَ)- بِتَثْلِيثِ السِّينِ- (لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ (كَمَوْلُودٍ حَيًّا)، يُغَسَّلُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ نَصًّا، لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ مَرْفُوعًا «وَالسَّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ» رَوَاه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ. وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ: «وَالطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ» وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَذَكَرُهُ أَحْمَدُ وَاحْتَجَّ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ نَسَمَةٌ نُفِخَ فِيهَا الرُّوحُ وَ(لَا) يُغَسَّلُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لَوْ سَقَطَ (قَبْلَهَا)، أَيْ: الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، (وَلَوْ بَانَ فِيهِ خَلْقُ إنْسَانٍ) إذْ الْمُعْتَبَرُ نَفْخُ الرُّوحِ، وَهُوَ لَا يَكُونُ قَبْلَ ذَلِكَ. (وَسُنَّ تَسْمِيَتُهُ)، أَيْ: الطِّفْلِ (وَإِنْ) وُلِدَ (لِدُونِ ذَلِكَ)، أَيْ: الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهُ يَبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، فَيُسَمَّى لِيُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاسْمِهِ. (وَمَعَ جَهْلِ ذُكُورَةٍ وَأُنُوثَةٍ يُسَمَّى بِصَالِحٍ لَهُمَا كَطَلْحَةَ وَهِبَةِ اللَّهِ). قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَكَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ. (وَسَقَطَ مِنْ كَافِرَيْنِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ) بِأَنْ مَاتَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ بِدَارِنَا، (كَمُسْلِمٍ) يُغَسَّلُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ إذَا وُلِدَ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ. وَإِلَّا فَلَا. وَيُصَلَّى عَلَى طِفْلٍ مِنْ كَافِرَيْنِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِمَوْتِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ بِدَارِنَا. أَوْ سَبْيِهِ مُنْفَرِدًا عَنْهُمَا، أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا. وَكَذَا مَجْنُونٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِشَيْءٍ مِمَّا سَبَقَ. (وَعَلَى غَاسِلٍ سَتْرُ شَرٍّ) رَآهُ؛ لِأَنَّ فِي إظْهَارِهِ إذَاعَةً لِلْفَاحِشَةِ، وَفِي الْخَبَرِ مَرْفُوعًا: «لِيُغَسِّلْ مَوْتَاكُمْ الْمَأْمُونُونَ» رَوَاه ابْنُ مَاجَهْ. وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا، وَأَدَّى فِيهِ الْأَمَانَةَ، وَلَمْ يُفْشِ عَيْبَهُ؛ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» رَوَاه أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ. (كَطَبِيبٍ فِي سَتْرِ عَيْبٍ) رَآهُ بِجَسَدٍ مَطْبُوبٍ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ سَتْرُهُ. فَلَا يُحَدِّثُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤْذِيهِ، وَمِثْلُهُ الْجَرَائِحِيُّ. (وَسُنَّ) لِلْغَاسِلِ (إظْهَارُ خَيْرٍ) رَآهُ مِنْ الْمَيِّتِ لِيُتَرَحَّمَ عَلَيْهِ (قَالَ جَمْعٌ مُحَقِّقُونَ: إلَّا عَلَى مَشْهُورٍ بِبِدْعَةٍ أَوْ فُجُورٍ وَنَحْوِهِ). كَكَذِبٍ، (فَيُسَنُّ إظْهَارُ شَرِّهِ وَسَتْرُ خَيْرِهِ) لِيَرْتَدِعَ نَظِيرُهُ. (وَنَرْجُو لِلْمُحْسِنِ، وَنَخَافُ عَلَى الْمُسِيءِ وَلَا نَشْهَدُ) بِجَنَّةٍ أَوْ نَارٍ (إلَّا لِمَنْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَالْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرَةِ بِالْجَنَّةِ، وَكَحَاتِمٍ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ ذُكِرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ فِي النَّارِ. (قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: (أَوْ تَتَّفِقُ الْأُمَّةِ عَلَى الثَّنَاءِ) عَلَيْهِ: كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، (أَوْ) تَتَّفِقُ الْأُمَّةِ عَلَى (الْإِسَاءَةِ عَلَيْهِ) كَالْجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ، وَالْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ مُرَادَهُ الْأَكْثَرُ، وَأَنَّهُ الْأَكْثَرُ دِيَانَةً، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ أَفْعَالُ الْمَيِّتِ مُوَافِقَةً لِقَوْلِهِمْ. وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ عَلَامَةً مُسْتَقِلَّةً. انْتَهَى.
وَمَنْ جُهِلَ إسْلَامُهُ، وَوُجِدَ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ؛ وَجَبَ غُسْلُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ أَقْلَفَ بِدَارِنَا لَا بِدَارِ حَرْبٍ. وَلَا عَلَامَةَ. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. وَنَقَلَ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ يُسْتَدَلُّ بِثِيَابٍ وَخِتَانٍ.

.(فَرْعٌ): [حُسنُ الظنِّ بالله]:

(يَحْرُمُ سُوءُ) الـ (ظَّنِّ) بِاَللَّهِ تَعَالَى وَ(بِمُسْلِمٍ ظَاهِرِ الْعَدَالَةِ)، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. (وَيُسْتَحَبُّ ظَنُّ الْخَيْرِ بِالْأَخِ الْمُسْلِمِ) وَيَجِبُ حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى، (وَحُسْنُ الظَّنِّ بِأَهْلِ الدِّينِ حَسَنٌ). وَلَا يَنْبَغِي تَحْقِيقُ ظَنِّهِ بِرِيبَةٍ. (وَلَا حَرَجَ بِظَنِّ السُّوءِ لِمَنْ ظَاهِرُهُ الشَّرُّ). وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ- «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ»- مَحْمُولٌ عَلَى الظَّنِّ الْمُجَرَّدِ الَّذِي لَمْ يُعَضِّدْهُ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ. وَحَدِيثُ «احْتَرِسُوا مِنْ النَّاسِ بِسُوءِ الظَّنِّ»، الْمُرَادُ بِهِ الِاحْتِرَاسُ فِي حِفْظِ الْمَالِ، كَغَلْقِ الْبَابِ خَوْفَ السُّرَّاقِ، هَذَا مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي.

.(فَصْلٌ): [في التَّكْفِينِ]:

(وَتَكْفِينُ مَنْ فَرْضُ كِفَايَةٍ) عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهِ. لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ» (وَيَجِبُ لِحَقِّهِ)، أَيْ: الْمَيِّتِ (وَحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ثَوْبٌ) وَاحِدٌ (لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ يَسْتُرُ جَمِيعَهُ)، أَيْ: الْمَيِّتِ، لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ، (فَلَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ بِدُونِهِ)، أَيْ: لَوْ وَصَّى بِثَوْبٍ لَا يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهِ، لَمْ تُسْمَعْ وَصِيَّتُهُ لِتَضَمُّنِهَا إسْقَاطَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (مِنْ مَلْبُوسٍ مِثْلَهُ فِي جُمُعَةٍ وَعِيدٍ). لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِتَحْسِينِهِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَلِأَنَّهُ لَا إجْحَافَ فِيهِ عَلَى الْمَيِّتِ. وَلَا عَلَى وَرَثَتِهِ، (مَا لَمْ يُوصِ بِدُونِهِ). أَيْ: مَلْبُوسِ مِثْلِهِ فَتُتْبَعُ وَصِيَّتُهُ لِإِسْقَاطِهِ حَقَّهُ مِمَّا زَادَ. (وَيُكْرَهُ) أَنْ يُكَفَّنَ فِي (أَعْلَى) مِنْ مَلْبُوسِ مِثْلِهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ، وَلِلنَّهْيِ عَنْ التَّغَالِي فِي الْكَفَنِ. (وَيَتَّجِهُ) كَرَاهَةُ تَكْفِينِهِ بِالْأَعْلَى (إنْ كَانَ مِنْ تَرِكَتِهِ)؛ لِأَنَّ فِيهِ إجْحَافًا عَلَى الْوَرَثَةِ، أَمَّا لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ مُتَبَرِّعٌ أَوْ رَضُوا كُلُّهُمْ صَرِيحًا؛ فَلَا يُكْرَهُ.
(وَ) يَتَّجِهُ: (أَنَّهُ لَوْ وَرِثَهُ)، أَيْ: الْمَيِّتَ (غَيْرُ مُكَلَّفٍ حَرُمَ) تَكْفِينُهُ بِأَعْلَى مِنْ مَلْبُوسِ مِثْلِهِ، وَهَذَا مُتَّجِهٌ. وَقَوْلُهُ: (وَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةٌ بِهِ)؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ فِيهِ مَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ لِفَاسِقٍ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى الْمَعْصِيَةِ. (وَتَجِبُ مُؤْنَةُ تَجْهِيزٍ) مِنْ أُجْرَةِ مُغَسِّلٍ وَحَمَّالٍ وَحَفَّارٍ وَنَحْوِهِ (بِمَعْرُوفٍ) لِمِثْلِهِ، وَ(لَا) يَجِبُ (حَنُوطٌ وَطِيبٌ) كَحَالِ الْحَيَاةِ، (بَلْ يُسَنُّ) لِلْخَبَرِ وَيَأْتِي. (وَلَا بَأْسَ بـِ) جَعْلِ (مِسْكٍ فِيهِ)- أَيْ: الْكَفَنِ- نَصًّا. (وَمَنْ أَخْرَجَ فَوْقَ) مَا جَرَتْ (عَادَةٌ) بِإِخْرَاجِهِ عَلَى طَرِيقِ الْمُرُوءَةِ (مِنْ طِيبٍ وَحَوَائِجَ، وَفَوْقَ أُجْرَةِ حَمَّالٍ وَحَفَّارٍ، أَوْ أَعْطَى قَارِئًا بَيْنَ يَدَيْ جِنَازَةٍ؛ فَمُتَبَرِّعٌ) إنْ كَانَ مِنْ مَالِهِ، (وَإِنْ كَانَ مِنْ تَرِكَةٍ فَمِنْ نَصِيبِهِ)؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ شَرْعًا، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ. وَكَذَا مَا يُعْطَى لِمَنْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ مَعَ الْجِنَازَةِ بِالذِّكْرِ وَنَحْوِهِ، وَمَا يُصْرَفُ فِي طَعَامٍ وَنَحْوِهِ لَيَالِي جَمْعٌ، وَمَا يُصْنَعُ فِي أَيَّامِهَا مِنْ الْبِدَعِ الْمُسْتَحْدَثَةِ خُصُوصًا إذَا كَانَ فِي الْوَرَثَةِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ. (وَيُقَدَّمُ مَا وَجَبَ لِلْمَيِّتِ) مِنْ ثَوْبٍ يَسْتُرُ جَمِيعَهُ. وَمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ بِمَعْرُوفٍ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ (عَلَى دَيْنٍ بِرَهْنٍ وَأَرْشِ جِنَايَةِ وَارِثٍ وَنَحْوِ كَفَّارَةٍ) كَزَكَاةٍ وَحَجٍّ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ سُتْرَتَهُ وَاجِبَةٌ فِي الْحَيَاةِ. فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ. وَلِأَنَّ حَمْزَةَ وَمُصْعَبًا لَمْ يُوجَدْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا ثَوْبٌ، فَكُفِّنَ فِيهِ. وَلِأَنَّ لِبَاسَ الْمُفْلِسِ يُقَدَّمُ عَلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ. فَكَذَا كَفَنُ الْمَيِّتِ، وَلَا يُنْتَقَلُ لِوَارِثٍ مِنْ مَالِ مَيِّتٍ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ. (فَإِنْ عُدِمَ مَالُهُ)- أَيْ الْمَيِّتِ- بِأَنْ لَمْ يَخْلُفْ تِرْكَةً. أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ تَجْهِيزِهِ. (فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ)- أَيْ الْمَيِّتِ- حَالَ حَيَاتِهِ (بِقَدْرِهَا)- أَيْ: النَّفَقَةِ- فَمَنْ لَهُ أَخَوَانِ تَلْزَمُهُمَا نَفَقَتُهُ. فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ (إلَّا الزَّوْجُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) مِنْ الْكَفَنِ وَمُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ. وَلَوْ مُوسِرًا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ فِي النِّكَاحِ وَجَبَتْ لِلتَّمْكِينِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ. وَلِهَذَا تَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ وَالْبَيْنُونَةِ. وَقَدْ انْقَطَعَ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ. فَأَشْبَهَتْ الْأَجْنَبِيَّةَ. وَفَارَقَتْ الْعَبْدَ لِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ بِالْمِلْكِ لَا بِالِانْتِفَاعِ. وَلِذَلِكَ تَجِبُ نَفَقَةُ الْآبِقِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ؛ فَعَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهَا مِنْ أَقَارِبِهَا أَوْ مُعْتَقِيهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ: وَجَبَ كَفَنُهُ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إنْ كَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا. لِأَنَّهُ لِلْمَصَالِحِ وَهَذَا مِنْ أَهَمِّهَا. فَإِنْ كَانَ كَافِرًا، وَلَوْ ذِمِّيًّا فَلَا؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ إنَّمَا أَوْجَبَتْ عِصْمَتَهُمْ. فَلَا نُؤْذِيهِمْ لِلْإِرْفَاقِ بِهِمْ. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ أَوْ تَعَذَّرَ الْأَخْذُ مِنْهُ. فَكَفَنُهُ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ (عَلَى مُسْلِمٍ عَالِمٍ بِهِ)- أَيْ: الْمَيِّتِ- كَكِسْوَةِ الْحَيِّ. (وَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ بَعْضُ وَرَثَةٍ: لَمْ يَلْزَمْ بَقِيَّتَهُمْ قَبُولُهُ). لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْمَيِّتِ، وَكَذَا لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ، فَأَبَى الْوَرَثَةُ أَوْ بَعْضُهُمْ؛ (لَكِنْ لَيْسَ لَهُمْ)، أَيْ: الْوَرَثَةِ، (سَلْبُهُ)، أَيْ: الْكَفَنِ الَّذِي تَبَرَّعَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَوْ غَيْرُهُمْ (مِنْهُ)، أَيْ: الْمَيِّتِ، (بَعْدَ دَفْنِهِ)؛ لِأَنَّهُ لَا إسْقَاطَ لِحَقِّ أَحَدٍ فِي تَبْقِيَتِهِ. (وَمَنْ نُبِشَ وَسُرِقَ كَفَنُهُ؛ كُفِّنَ مِنْ تَرِكَتِهِ) نَصًّا (ثَانِيًا وَثَالِثًا فَقَطْ، وَلَوْ قُسِّمَتْ) تِرْكَتُهُ كَمَا لَوْ قُسِّمَتْ قَبْلَ تَكْفِينِهِ الْأَوَّلِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَارِثٍ لِلْكَفَنِ بِنِسْبَةِ حِصَّتِهِ مِنْ التَّرِكَةِ (مَا لَمْ تُصْرَفْ) تِرْكَتُهُ (فِي دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ)، فَإِنْ صُرِفَتْ فِي ذَلِكَ، أَوْ لَمْ تَكُنْ؛ (فَيُتْرَكُ) الْمَيِّتُ (بِحَالِهِ حَيْثُ لَا مُتَبَرِّعَ)، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مُتَبَرِّعٌ فَعَلَ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا مِنْ الْوَرَثَةِ وَلَا غَيْرِهِمْ، (وَإِنْ أُكِلَ)- بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ- أَيْ: أَكَلَ الْمَيِّتَ سَبُعٌ وَنَحْوُهُ، (أَوْ بَلِيَ) بِأَنْ صَارَ تُرَابًا (وَبَقِيَ كَفَنُهُ فَمَا)، أَيْ: الْكَفَنُ الَّذِي (مِنْ مَالِهِ تِرْكَةٌ) يُقَسَّمُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، (وَمَا تَبَرَّعَ بِهِ) مِنْ وَارِثٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ، (فـَ) هُوَ (لِمُتَبَرِّعٍ)؛ لِأَنَّ تَكْفِينَهُ لَيْسَ بِتَمْلِيكٍ بَلْ إبَاحَةٍ. بِخِلَافِ مَا لَوْ وَهَبَهُ لِلْوَرَثَةِ فَكَفَّنُوهُ بِهِ فَيَكُونُ لَهُمْ. (وَمِمَّا فَضَلَ مِمَّا جُنِيَ) مِنْ أَجْلِ تَكْفِينٍ بَعْدَ صَرْفِ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ؛ فَهُوَ لِرَبِّهِ إنْ عَلِمَ؛ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ. فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ فَيُرَدُّ إلَيْهِ، (فَإِنْ جُهِلَ) رَبُّهُ أَوْ اخْتَلَطَ مَا جُبِيَ، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ مَا لِكُلِّ إنْسَانٍ؛ (فَفِي كَفَنٍ آخَرَ) يُصْرَفُ إنْ أَمْكَنَ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُ مَا بُذِلَ لَهُ. (فَإِنْ تَعَذَّرَ) صَرْفُهُ فِي كَفَنٍ آخَرَ؛ (تَصَدَّقَ بِهِ)؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا بَذَلَهُ فِيهِ. (وَلَا يُجْبَى كَفَنٌ، لِعَدَمِ) يُكَفَّنُ بِهِ مَيِّتٌ (إنْ سُتِرَ). أَيْ: أَمْكَنَ سَتْرُهُ (بِحَشِيشٍ وَنَحْوِهِ) كَوَرَقِ شَجَرٍ، لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِلَا إهَانَةٍ. (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ (مَا يَسْتُرُ جَمِيعَهُ؛ سَتَرَ عَوْرَتَهُ) لِتَقَدُّمِهَا عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، (ثُمَّ) إنْ بَقِيَ شَيْءٌ سُتِرَ بِهِ (رَأْسُهُ) وَمَا يَلِيَهُ، (وَجُعِلَ عَلَى بَاقِيهِ حَشِيشٌ أَوْ وَرَقٌ). لِمَا رُوِيَ «أَنَّ مُصْعَبًا قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ يُكَفَّنُ فِيهِ إلَّا نَمِرَةٌ، فَكَانَتْ إذَا وُضِعَتْ عَلَى رَأْسِهِ بَدَتْ رِجْلَاهُ. وَإِذَا وُضِعَتْ عَلَى رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُغَطَّى رَأْسُهُ، وَيُجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ الْإِذْخِرُ» رَوَاه الْبُخَارِيُّ (وَإِنْ وُجِدَ ثَوْبٌ) وَاحِدٌ (فَقَطْ وَ) ثَمَّ جَمَاعَةٌ (مَوْتَى؛ جُمِعَ فِيهِ مِنْهُمْ مَا يُمْكِنُ جَمْعُهُ)، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ فَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ بَيْنَ كُلِّ اثْنَيْنِ حَاجِزًا مِنْ عُشْبٍ وَنَحْوِهِ فَلَا بَأْسَ، قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحَبَّ هَذَا. (وَكُرِهَ) التَّكْفِينُ بِثَوْبٍ (رَقِيقٍ يَحْكِي الْهَيْئَةَ) لِرِقَّتِهِ نَصًّا، وَلَا يُجْزِئُ مَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ.
(وَ) كُرِهَ كَفَنٌ (مِنْ شَعْرٍ وَ) مِنْ (صُوفٍ)؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ فِعْلِ السَّلَفِ (وَ) كُرِهَ كَفَنٌ (مُزَعْفَرٌ وَمُعَصْفَرٌ وَمَنْقُوشٌ وَلَوْ لِأُنْثَى)؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِالْحَالِ. (وَحَرُمَ بِجِلْدٍ)، «لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَزْعِ الْجُلُودِ عَنْ الشُّهَدَاءِ». (وَكَذَا) يَحْرُمُ تَكْفِينٌ (بِحَرِيرٍ وَمُذَهَّبٍ) وَمُفَضَّضٍ (وَلَوْ لِأُنْثَى بِلَا ضَرُورَةٍ)، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ ضَرُورَةٌ، بِأَنْ عُدِمَ ثَوْبٌ يَسْتُرُ جَمِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ: جَازَ التَّكْفِينُ بِنَحْوِ الْحَرِيرِ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَنْدَفِعُ بِهِ، وَالْأُنْثَى إنَّمَا أُبِيحَ لَهَا ذَلِكَ حَالَ الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ زِينَةٍ وَشَهْوَةٍ، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِمَوْتِهَا. (وَسُنَّ تَكْفِينُ رَجُلٍ فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ بِيضٍ، وَ) كَوْنُهَا (مِنْ قُطْنٍ وَجَدِيدٍ أَفْضَلُ)، لِحَدِيثِ «عَائِشَةَ قَالَتْ: كُفِّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، جُدُدٍ يَمَانِيَّةٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ أُدْرِجَ فِيهَا إدْرَاجًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ: «وَأَمَّا الْحُلَّةُ فَاشْتَبَهَ عَلَى النَّاسِ أَنَّهَا اُشْتُرِيَتْ لِيُكَفَّنَ فِيهَا، فَتُرِكَتْ الْحُلَّةُ، وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سُحُولِيَّةٍ». (وَكُرِهَ) تَكْفِينُ رَجُلٍ (فِي أَكْثَرَ) مِنْ ثَلَاثٍ، قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا مَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا.
(وَ) كُرِهَ (تَعْمِيمُهُ)، أَيْ: الْمَيِّتِ. صَوَّبَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ (تُبْسَطُ)، أَيْ: الثَّلَاثُ لَفَائِفَ (عَلَى بَعْضِهَا) وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى لِيُوضَعَ الْمَيِّتُ عَلَيْهَا مَرَّةً وَاحِدَةً (بَعْدَ تَبْخِيرِهَا) بِعُودٍ وَنَحْوِهِ ثَلَاثًا، قَالَهُ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ بَعْدَ رَشِّهَا بِنَحْوِ مَاءِ وَرْدٍ، وَلِتَعْلَقَ رَائِحَةُ الْبَخُورِ بِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مُحْرِمًا. (وَتُجْعَلُ) اللِّفَافَةُ (الظَّاهِرَةُ) وَهِيَ السُّفْلَى مِنْ الثَّلَاثِ (أَحْسَنَهَا كَعَادَةِ حَيٍّ)؛ لِأَنَّ عَادَةَ الْحَيِّ جَعْلُ الظَّاهِرِ مِنْ ثِيَابِهِ أَفْخَرَهَا، فَكَذَا الْمَيِّتُ.
(وَ) يُجْعَلُ (الْحَنُوطُ، وَهُوَ: أَخْلَاطٌ مِنْ طِيبٍ)، وَلَا يُقَالُ فِي غَيْرِ طِيبِ الْمَيِّتِ (فِيمَا بَيْنَهَا)، أَيْ: يَذَرُ بَيْنَ اللَّفَائِفِ، (ثُمَّ يُوضَعُ) الْمَيِّتُ (عَلَيْهَا)، أَيْ: اللَّفَائِفِ مَبْسُوطَةً (مُسْتَلْقِيًا)؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِإِدْرَاجِهِ فِيهَا، وَيَجِبُ سَتْرُهُ حَالَ حَمْلِهِ بِثَوْبٍ، وَيُوضَعُ مُتَوَجِّهًا نَدْبًا، (وَيَحُطُّ مِنْ قُطْنٍ مُحَنَّطٍ)، أَيْ: فِيهِ حَنُوطٌ (بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ)، أَيْ: الْمَيِّتِ (وَيُشَدُّ فَوْقَهُ)، أَيْ: الْقُطْنِ (خِرْقَةٌ مَشْقُوقَةُ الطَّرَفِ كَالتُّبَّانِ)، وَهُوَ السَّرَاوِيلُ بِلَا أَكْمَامٍ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: التُّبَّانُ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: سِرْوَالٌ صَغِيرٌ مِقْدَارُ شِبْرٍ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ فَقَطْ، يَكُونُ لِلْمَلَّاحِينَ (تَجْمَعُ) الْخِرْقَةُ (أَلْيَتَيْهِ وَمَثَانَتَهُ)- أَيْ: الْمَيِّتِ- لِرَدِّ الْخَارِجِ، وَإِخْفَاءِ مَا ظَهَرَ مِنْ الرَّوَائِحِ، (وَيُجْعَلُ الْبَاقِي) مِنْ قُطْنٍ مُحَنَّطٍ (عَلَى مَنَافِذِ وَجْهِهِ) كَعَيْنَيْهِ وَفَمِهِ وَأَنْفِهِ وَعَلَى أُذُنَيْهِ، (وَ) يُجْعَلُ مِنْهُ عَلَى (مَوَاضِعِ سُجُودِهِ) جَبْهَتِهِ وَيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافِ قَدَمَيْهِ تَشْرِيفًا لَهَا، وَكَذَا مَغَابِنُهُ كَطَيِّ رُكْبَتَيْهِ، وَتَحْتَ إبِطَيْهِ وَسُرَّتِهِ؛ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَتَبَّعُ مَغَابِنَ الْمَيِّتِ وَمَرَافِقَهُ بِالْمِسْكِ (وَ) بِطِيبِ (رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، وَإِنْ طُيِّبَ) الْمَيِّتُ (كُلُّهُ فَحَسَنٌ)؛ لِأَنَّ أَنَسًا طُلِيَ بِالْمِسْكِ، وَطَلَى ابْنُ عُمَرَ مَيِّتًا بِالْمِسْكِ، وَذَكَرَ السَّامِرِيُّ: يُسْتَحَبُّ تَطْيِيبُ جَمِيعِ بَدَنِهِ بِالصَّنْدَلِ وَالْكَافُورِ لِدَفْعِ الْهَوَامِّ. (وَكُرِهَ) تَطْيِيبٌ (دَاخِلَ عَيْنَيْهِ) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ يُفْسِدُهُمَا، (كـَ) مَا يُكْرَهُ تَطْيِيبُهُ (بِوَرْسٍ وَزَعْفَرَانٍ)؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ غَيْرُ جَارِيَةٍ بِالتَّطَيُّبِ بِهِ، وَإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ لِغِذَاءٍ أَوْ زِينَةٍ، (وَ) كُرِهَ (طَلْيُهُ)، أَيْ: الْمَيِّتِ (بِمَا يُمْسِكُهُ كَصَبِرٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، وَتُسَكَّنُ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ (مَا لَمْ يُنْقَلْ) الْمَيِّتُ لِحَاجَةٍ دَعَتْ إلَيْهِ، فَيُبَاحُ لِلْحَاجَةِ، (ثُمَّ يُرَدُّ طَرَفُ) اللِّفَافَةِ (الْعُلْيَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ) لِلْمَيِّتِ (عَلَى شِقٍّ أَيْمَنَ، ثُمَّ) يُرَدُّ (طَرَفُهَا الْأَيْمَنُ عَلَى الْأَيْسَرِ) كَعَادَةِ الْحَيِّ، (ثُمَّ) يُرَدُّ لِفَافَةٌ (ثَانِيَةٌ) كَذَلِكَ، (ثُمَّ) يُرَدُّ (ثَالِثَةٌ كَذَلِكَ) فَيُدْرِجُهُ فِيهَا إدْرَاجًا، (وَيُجْعَلُ أَكْثَرُ فَاضِلٍ) مِنْ اللَّفَائِفِ (مِمَّا عِنْدَ رَأْسِهِ) لِشَرَفِهِ عَلَى الرِّجْلَيْنِ، (ثُمَّ يَعْقِدُهَا إنْ خِيفَ انْتِشَارٌ، وَتُحَلُّ) الْعُقَدُ (بِقَبْرٍ)، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إذَا أَدْخَلْتُمْ الْمَيِّتَ اللَّحْدَ فَحُلُّوا الْعُقَدَ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ. وَلِأَمْنِ انْتِشَارِهَا، فَإِنْ نَسِيَ الْمُلْحِدُ أَنْ يَحِلَّهَا نُبِشَ، وَلَوْ بَعْدَ تَسْوِيَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ قَرِيبًا وَحُلَّتْ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ. (وَكُرِهَ تَخْرِيقُهَا)، أَيْ: اللَّفَائِفِ؛ لِأَنَّهُ إفْسَادٌ وَتَقْبِيحٌ لِلْكَفَنِ مَعَ الْأَمْرِ بِتَحْسِينِهِ.
قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: (وَلَوْ خِيفَ نَبْشُهُ، خِلَافًا لِأَبِي الْمَعَالِي).
وَ(لَا) يُكْرَهُ (تَكْفِينُهُ)، أَيْ: الرَّجُلِ (فِي قَمِيصٍ وَمِئْزَرٍ وَلِفَافَةٍ)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَلْبَسَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ قَمِيصَهُ لَمَّا مَاتَ» رَوَاه الْبُخَارِيُّ. وَعَنْ عَمْرو بْنِ الْعَاصِ: أَنَّ الْمَيِّتَ يُؤَزَّرُ، وَيُقَمَّصُ وَيُلَفُّ بِالثَّالِثَةِ. (وَيُجْعَلُ نَدْبًا مِئْزَرٌ مِمَّا يَلِي جَسَدَهُ)، ثُمَّ يُلْبَسُ الْقَمِيصَ، ثُمَّ يُلَفُّ كَمَا يَفْعَلُ الْحَيُّ، وَأَنْ يَكُونَ الْقَمِيصُ بِكُمَّيْنِ وَدَخَارِيصَ كَقَمِيصِ الْحَيِّ نَصًّا، وَلَا يَحِلُّ الْإِزَارُ فِي الْقَبْرِ، وَلَا يُكْرَهُ تَكْفِينُ رَجُلٍ فِي ثَوْبَيْنِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُحْرِمِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ» (وَلَا يُزَرُّ قَمِيصٌ) عَلَى الْمَيِّتِ، لِعَدَمِ الْحَاجَةِ، (وَ) لَا تُزَرُّ (لِفَافَةٌ فَوْقَهُ)، أَيْ: الْقَمِيصِ، بَلْ تُعْقَدُ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَسُنَّ لِأُنْثَى وَخُنْثَى) بَالِغَيْنِ (خَمْسَةُ أَثْوَابٍ بِيضٍ مِنْ قُطْنٍ) تُكَفَّنُ فِيهَا: (إزَارٍ وَخِمَارٍ وَقَمِيصٍ)، وَهُوَ: الدِّرْعُ، (وَلِفَافَتَيْنِ)، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَكْثَرُ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَى أَنْ تُكَفَّنَ الْمَرْأَةُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ. (وَلَا بَأْسَ بِنِقَابِ) الْمَرْأَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ (وَ) سُنَّ (لِصَبِيٍّ ثَوْبٌ) وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الرَّجُلِ، (وَيُبَاحُ) أَنْ يُكَفَّنَ صَبِيٌّ (فِي ثَلَاثَةٍ مَا لَمْ يَرِثْهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ) رَشِيدٍ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ فَلَا، وَسُنَّ لِصَغِيرَةٍ قَمِيصٌ وَلِفَافَتَانِ نَصًّا. (وَسُنَّ تَغْطِيَةُ نَعْشٍ)، لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُبَالَغَةِ فِي سَتْرِ الْمَيِّتِ (وَكُرِهَ) تَغْطِيَتُهُ (بِغَيْرِ أَبْيَضَ) كَأَحْمَرَ وَأَسْوَدَ وَأَصْفَرَ، وَيَحْرُمُ بِحَرِيرٍ وَمُذَهَّبٍ وَنَحْوِهِ، (وَيُسْتَحَبُّ إنْ كَانَ) الْمَيِّتُ (امْرَأَةً أَنْ يُسْتَرَ) النَّعْشُ (بِمِكَبَّةٍ تُعْمَلُ مِنْ خَشَبٍ أَوْ جَرِيدٍ أَوْ قَصَبٍ مِثْلِ قُبَّةٍ)، وَيُجْعَلُ (فَوْقَهَا)، أَيْ: الْمِكَبَّةِ (ثَوْبٌ) أَبْيَضُ، لَكِنْ يُكْشَفُ جَانِبُهَا فِي مَحَلِّ الصَّلَاةِ، لِيَظْهَرَ بَعْضُ الْمَيِّتِ، لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى مَيِّتٍ فِي نَحْوِ صُنْدُوقٍ لَا تَصِحُّ.
(وَ) سُنَّ أَنْ (يُوضَعَ مَيِّتٌ عَلَى نَعْشٍ مُسْتَلْقِيًا) عَلَى قَفَاهُ.